کد مطلب:186133 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:362

هذا الکتاب
بسم الله الرحمن الرحیم

لم تعرف الدنیا فی عمرها الطویل أناسا كالأئمة صلوات الله علیهم فقد جمعوا المكارم كلها، و حازوا الفضائل بأجمعها، و من العجب أن لا تجتمع الأمة بأسرها علی امامتهم مع اجتماعهم علی ما یرونه فیهم من آی و حدیث و ما یذكرونه لهم من علم و عمل و عبادة و زهادة و ورع و أخلاق و كرم و شجاعة و سیرة مثلی، فلا هم وافقوا الشیعة علی النص و التعیین، و أن الامامة فیهم، قد نص علیهم الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم و سماهم واحدا بعد واحد - كما مر علیك فی الكتاب الأول - و لا هم رأوا الخلافة بالأفضلیة، فهی حینئذ لهم و لا تتعداهم، فهم أفضل هذه الأمة نسبا، و أزكاهم حسبا، و أكثرهم علما، و أحسنهم عملا، و أسبقهم الی مكارم الأخلاق.

و اهمال شطر الأمة عن الاقرار بامامة الأئمة من أهل البیت علیهم السلام ظلم لهم و غمز لحقوقهم التی شرعها الله والرسول، كما هی - بنفس الوقت - ظلم من الناس لأنفسهم بجحدهم الحق، و نكوصهم عن الطریق السوی مع علمهم بفضلهم و جلیل مقامهم (و جحدوا بها و استیقنتهآ أنفسهم ظلما و علوا) [النمل: 14] و هذا الحدیث ذو شجون، و علی الصدر الأول یقع العب ء الكبیر من هذه التبعیة، و لله فی خلقه شؤون.

و الحدیث فی هذا الكتاب عن الامام الرابع من أئمة أهل البیت علیهم الصلاة والسلام الامام علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیه السلاام، و لا أدری كیف أبدا الحدیث عنه علیه السلام، أتحدث عن مصائبه التی لم یصب بالدنیا رجل مثلها؟ فهو الذی واكب واقعة كربلاء منذ البدایة و حتی النهایة، و هو الذی شهد مصرع أبیه و أخوته و أعمامه و بنی عمومته و أصحاب أبیه، رضوان الله علیهم أجمعین، كما شاهد علیه السلام



[ صفحه 250]



بنات رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم عصر عاشوراء یتراكضن فی البیداء من خباء الی خباء، و من خیمة الی خیمة و منادی القوم: احرقوا بیوت الظالمین، و لله صبره و هو ینظر ابن مرجانة و بیده العود ینكث ثنایا أبیه الحسین علیه السلام، و كانت خاتمة الجولة الشام، و مجلس یزید بن معاویة، و شماتة بنی أمیة.



فلو أن أیوبا رأی بعض ما رأی

لقال نعم هذا العظیمة بلواه



فوالله لمصیبته لا تصغر عندها مصیبة أیوب علیه السلام فحسب بل تصغر لدیها مصائب الدنیا بأسرها، و فوادح الدهر منذ أن تخطی آدم علیه السلام هذا الكوكب و حتی تقوم الساعة.

و اذا كان الحدیث عن مصائبه علیه السلام له المنطلق الرحب، و المجال الواسع، فجوانب حیاته الأخری فیها الشی ء الكثیر من العبر و الدروس، فلقد كان علیه السلام الغایة فی العبادة - كما یقول ابن أبی الحدید - و كیف لا یكون كذلك، و قد أجمع أهل السیر و التراجم علی أنه كان یصلی فی الیوم و اللیلة ألف ركعة، و صارت لأعضاء سجوده ثفنات كثفنات البعیر، یقطعها فی السنة مرتین، و أصبح لا یعرف الا بزین العابدین و السجاد و ذی الثفنات و سید العابدین، كما أن سیرته علیه السلام هی السیرة المثالیة التی لا یقدر علیها الا نبی أو وصی نبی و الا فهل هناك من یقبل أن یضم عائلة مروان بن الحكم - أعدی الناس لأهل البیت - الی عیاله فی واقعة الحرة، أو یعول بمائة بیت من أهل المدینة، أو یحمل جراب الدقیق علی ظهره و یطوف علی بیوتات الفقراء، یوصلها الیهم سرا و هم لا یعرفونه.

و اذا تحدثنا عن أدعیته علیه السلام فأنت اذا رفعت القرآن الكریم و حدیث الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم و نهج البلاغة، فقل فیها ما شئت، فهی زبور آل محمد و الموسوعة الالهیة الكبری.

و خوفا من الاطالة علیك بهذه المقدمة فبین یدیك صفحات هذا الكتاب، مشیرة الی بعض جوانب حیاته علیه السلام، حافلة بالیسیر من كلامه، و هی بعد صورة مصغرة لسیرته الكریمة الملیئة بالمثل الرفیعة، و السجایا الكریمة.



[ صفحه 251]